Religion matters الدين يهم

The following is part from Tony Blair's speech at Monterrey Tecnológico University in Mexico . The article is translated to Arabic


Religion matters

الدين يهم
لـ توني بلير* - جيروزاليم بوست - 16/2/2011
ترجمة/ جهاد أبو سليم - بال ثينك للدراسات الاستراتيجية




المقال من كلمة لبلير ألقاها في جامعة مونتيري التكنولوجية في المكسيك.

Photo by: AP

اذا لم تفهم الدين في الشرق الأوسط، فانك لا تفهم الشرق الأوسط.

هناك نوع جديد من النقاش ترتسم ملامحه، انه يتمحور حول الهجرة أو سياسات الحماية، ولكنه قبل كل شيء يتمحور حول قضايا تتعلق بالثقافة والتكامل و التي تتفاوت من حيث نشاطها وقابليتها للانفجار، في الشرق الاوسط تتركز الأمور حول ما اذا كان الغرب يحترم أو لا يحترم الدين الاسلامي؛ اضف الى ذلك الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي الذي يتأثر بهذا العامل المهم.
في أوروبا ما يهم الآن هو ما اذا نجحنا أو فشلنا في تكامل الثقافات؛ وبقدر ادراكنا لحجم الفشل، فما يهم أنه ما اذا كان كل من "كرمنا" في السماح بالهجرة الداخلية وتشجيع تعدد الثقافات قد تم الاعتداء عليهما، وهنا يأتي الشعور بأن الأمم "المضيفة" تستفيد بشكل غير عادل من هؤلاء الذين يريدون "المنافع" الغربية وليس "القيم" الغربية، لذلك فان التحدي الاقتصادي يصبح أشد كثافة من حيث التركيز مقارنة بالتحدي الثقافي.
في مواجهة هذا التحدي، الديمقراطية وحتى التغيير الاقتصادي غير كافيان، هناك تغيير اجتماعي أيضاً، هل نريد مجتمعات منفتحة على تقاليدنا الخاصة لهؤلاء ممن لديهم أديان وثقافات مختلفة؛ أم هل نريد العناية بما يخصنا فقط بالاساس من أجل ان نواجه انعدام الأمن والأزمة الاقتصادية؟ واذا اردنا المجتمعات المنفتحة، فما هي الشروط التي تجعل من هذا الانفتاح ناجحاً؟ الدرس الوحيد الذي نتعلمه من ماضي أوروبا أنه عندما ننغلق فإننا نخسر، و اذا ما كان هذا صحيحاً في الاوقات التي مضت، فان هذا أكثر صحة اليوم في عصر العولمة المتسارعة حيث التكنولوجيا والاعلام الجماهيري والاجتماعي يجعلون من العالم مكاناً صغيراً.
وهذا ينطبق على الشرق الأوسط، حيث أن هناك ثلاثة عناصر لاعبة أساسية: أولها هي الأنظمة وفي الأغلب هي حليفة للغرب، وتؤمن هذه الأنظمة بالحاجة الى المحافظة على قبضة قوية على شعوبها من أجل تجنب اطلاق سراح القوى المتطرفة التي يصعب التحكم بها ونظرتها على العالم ضيقة. العوامل الثانية هي هذه القوى نفسها (أي القوى المتطرفة).

العنصر الثالث هم الشعوب الذين من الممكن أن أدعوهم بـ"المُحَدِثين"، انهم يملكون مواقف سياسية واقتصادية واجتماعية منفتحة، يجب علينا ان نشجع تطور مستقر لهذه الرغبة التحديثية والعديد من الحكام في المنطقة يتمنون رؤية هكذا تطور.
على أي حال، فان هذه الشعوب تتفاعل في منطقة يشكل الدين في مجتمعاتها مركزاً حيوياً ان لم يكن حازماً ، اذا سألت عن أهمية الدين للناس الذين يعيشون في اوروبا فستكون الاجابة بين 30-35 %،ولكن في الشرق الاوسط تكون نسبة الاهتمام بالدين بين 90-95 %.
اذا لم تفهم الدين في الشرق الأوسط، فانك لا تفهم الشرق الأوسط، فاذا كانت التغيرات الحاصلة حالياً تغير المنطقة بشكل جذري، فان الطريقة التي يؤثر بها الدين على هذا التحول هي طريقة بالغة الأهمية، فاذا أتت الديمقراطية بموقف منفتح ليس فقط تجاه الاقتصاد ولكن أيضاً تجاه المجتمع والدين، فان هذه الديمقراطية ستجلب منفعة كبيرة، واذا لم تأت بذلك وأتت بالنقيض، فانها ستزيد الاحساس بالتوتر والانعزال بين الشرق والغرب.
الجزء المفقود في سياسات الشرق الأوسط هو حوار الأديان، لأنه اذا كان المسلمون يشعرون بان الاسلام غير محترم من قبل الغرب، فان الاجابة هنا هي الدخول في حوار يثبت العكس، هذا الحراك لا بد وأن يبدأ على مستوى المدرسة، ومن ثم يجب ان يتم مناقشته وتحليله في الجامعة، ومن ثم يجب أن ينتشر عبر التبادل السياسي والاجتماعي والثقافي.

السبب الذي يكمن وراء أهمية الدين هو أنه يمثل أكثر من كونه ديناً فقط، انه يمثل تاريخ، ثقافة، تقاليد، انتماء، هوية ومعنى، انه يمثل فلسفة الحياة، انه يمثل الروح لا الجسد، فاذا انتج الشرق الاوسط تغيير سياسي دون تغيير اجتماعي يستند على عقلية متفتحة تجاه الاخرين فان الثورة ستصبح نصف ثورة من حيث التشكيل ولن تكون مكتملة، وسيكون التغيير الاقتصادي الذي من شأنه ان يحسن وضع الناس، سيكون مرشحاً للسقوط.
هكذا تغيير لا يمكن أن يأتي بدون دور للاسلام و دور لكل من يشهد القرن الحادي والعشرين ،  ان مهمتنا في هذه اللحظة تكمن في أن نتواصل؛ ان نفتح عقولنا لا أن نغلقها؛ ان ندفع بالعدالة والسلام الى الامام، ان نشارك ال المُحَدِثين ونعطيهم الامل، وهنا أيضاً يأتي دورهم ليقودوا، وأن يتصلوا بالجميع، و أن يظهروا أن الاحترام والمساواة بين الناس من جميع الاديان وغيرهم هو هدف مشترك، هذا التغيير يمكن ادارته خلال الوقت وبحذر، ولكن لا بد من حدوثه.
سأصنع تنبؤاً اخر على النقيض مما ذكرت، فحتى مع الديمقراطية فان هؤلاء في الشرق سوف يشعرون أنهم في خضم منافسة عدائية متركزة مع الغرب الذي يسيطر بثقافته، وهؤلاء ممن في الغرب سوف يكون لهم رد فعل عكسي تجاه هذه العدائية وذلك من خلال الشعور بوجوب الدفاع عن النفس، النتيجة ستكون المواجهة، وحينها سيكون اصحاب العقول المتفتحة بالعجز، وسوف يحكم أولئك من أصحاب العقول المنغلقة، انظروا الى التاريخ، فهكذا مواجهات دائماً نتجت بنفس النتيجة التي في أسوأ الظروف كانت احتمالية الصراع.
من اجل هذا، وحتى مع كل ما يحيط من شك وعدم استقرار في الوقت الحالي، فاننا يجب أن نظهر التزام متجدد لأمن دولة اسرائيل و ان نظهر التزام بدولة ذات كرامة للفلسطينيين، لقد حان الوقت لاثبات ان السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين ليس مستحيلاً، هناك رغبة جامحة لازالة الحصار والضغط للامام، لقد حان الوقت لطموحاتنا ان تكون على قدر كبير من الشجاعة بصرف النظر عن صعوبة انجازها.
ولكن على الرغم من تميز ظروف الشرق الأوسط ، فان نفس الضرورة الملحة لفهم أهمية الدين يمكن ايجادها في كل مكان، في الصين مثلاً فان عدد المسلمين أكبر من عددهم في أوروبا و تجد أناساً يتبعون الكاثوليكية أكثر من متبعيها في ايطاليا وتجد كذلك حوالي مائة مليون بوذي، ان الدين يساهم في صياغة حياة كل من هؤلاء، وهذا ينطبق أيضاً على أمريكا اللاتينية والهند، وهذا أيضاً يمكن أن ينطبق على أوروبا حتى لو سلمنا بقلة عدد متبعي الديانات، ولا بد أيضا من الاشارة الى اهمية الثقافة اليهودية-المسيحية، ففي الولايات المتحدة من يمكنه الادعاء بان الايمان الديني ليس له اعتبار؟ هل تعتقدون انه يمكن انتخاب ملحد هناك؟ بالتأكيد لا.
فأينما وليت وجهك اليوم، فان الدين يهم، والايمان يحفز.
ان فهم محفزات واتجاهات وتركيبات الدين يمكن أن يصل الى ذات الاهمية لفهم الناتج القومي الاجمالي وحقول الاعمال والموارد لأي أمة، الوعي الديني هو هام بقدر قضايا التنصيف الجنسي او الوعي العرقي، وتمثل المعرفة بالمفاهيم الدينية للدولة أمراً أساسياً للسياسيين ورجال الاعمال أو حتى للمواطنين العاديين.

ان العولمة تسارع كل هذه التوجهات، فعندما يتم سؤالي عن تعريف الصفة الاساسية لعالمنا اليوم فستكون اجابتي: سرعة تغييره. ان الحركات و دوامات الرأي و موجات التغيير الناشئة تبني زخماً و تجعل أفكارنا ومواقفنا السابقة تنهار بشكل سريع، لذلك علينا أن نعدل من مواقفنا والا فسننجرف بعيداً.




الكاتب هو المبعوث الرسمي للرباعية الدولية الى الشرق الاوسط، وهو مؤسس مؤسسة (فايث) التي تهدف الى تعزيز التفاهم والاحترام بين الاديان المركزية، وهو رئيس وزراء بريطاني سابق.

ملاحظة/ يسمح بالنقل، النشر، أو الاقتباس بشرط ذكر مصدر الترجمة

Comments

Popular posts from this blog

The Lost City of Gaza (Part 1)

جدعون ليفي

Improving Politics Education for Youth in Palestine: Brightening the Future Through its Makers